روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | نماذج من حياة الصالحات.. المعاصرات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > نماذج من حياة الصالحات.. المعاصرات


  نماذج من حياة الصالحات.. المعاصرات
     عدد مرات المشاهدة: 3971        عدد مرات الإرسال: 0

القصة الأولى: عَمَّةُ أحد طلاب العلم دائماً تصلي ولا تُرى إلا على مُصلاها.

ولما ماتت رأتها قريبةٌ لها على صورةٍ حسنة، فسألتها عن حالها، فقالت: أنا في الفردوس الأعلى، قالت قريبتها بماذا؟ قالت: عليك بكثرة السجود.

القصة الثانية:

أخبرني أحد طلاب العلم أنه اتصلت به امرأة وهي تبكي وظنَّ أنها قد أذنبت بل قالت له: يا شيخ إني قد عصيت الله عز وجل.

معصيةً عظيمة، فلما استفسر منها وسألها، فإذا هي قد تركت صلاة الوتر البارحة، فقالت: هل من كفارة أُكَفِّرُ بها عن ذنوبي.

القصة الثالثة:

تقول إحدى مديرات دُور تحفيظ القرآن: لمّا افتتحنا الدار كان عندنا دَرَجٌ في الشارع ولم نجعل ممراً للعربات.

لا لكبيرات السِّن ولا للمعوقات، قالت: وفي اليوم الأول للتسجيل فوجئنا بامرأة تجاوزت الستين من عمرها وهي تحبوا على الدَرَج.

تريد الدخول للدار فالتحقت بهم لكن صَعُبَ عليها الاستمرار بعد مُدة، ولم تستطع أن تواصل الحفظ، لِكِبَرِ سنها وقعدت في بيتها.

القصة الرابعة:

وهذه أخرى من الصالحات، حَفِظت القرآن وهي فوق الستين، وأخبارها عجيبة، لكن مُلخص الخبر.

وهذا الموقف أو المواقف لها، أنها تجاوزت الستين ولمّا ختمت القرآن في رمضان الماضي، استأجرت امرأة لا تعرفها ولا تعرفها النساء اللاتي حولها.

حتى تُسَّمِع لها القرآن كاملاً، ولا يعلم بخبرها إلا قلة من النساء، وأَخَذَت العهد على بعض النساء ألاّ يُخبرن أحداً.

القصة الخامسة:

فتاةٌ أخرى لها همةٌ عالية عظيمة، شابةٌ مُعاقة، أُصيبت في حادث بشللٍ رباعي جعلها طريحة الفراش أكثر من خمس عشرةَ سنة، امتلأ جسمها قروحاً وتآكل اللحم بسبب ملازمتها للفراش، ولا تُخرج الأذى من جسدها إلا بمساعدة أمها، لكن عقلها متدفق وقلبها حي مؤمن..

َفَكرت أن تخدم الإسلام ببعض الأمور، فوجدت بعض الأساليب والطرق التي تنفع بها دين الله عز وجل، أو تنفع بها نفسها وتنشر دين الله عز وجل، فجَعلت ما يلي:

1) فتحت بيتها لمن شاء، من النساء أن يزورها، أو حتى من الناس من محارمها أن يزوروها ليعتبروا بحالها، فتأتيها النساء ودارِسات التحفيظ، ثم تُلقي عليهن محاضرةً بصوتها المؤثر.

2) جعلت بيتها مستودعاً للمعونات العينية والمادية للأسر المحتاجة، وتقول زوجة أخيها: إنَّ ساحة البيت الكبيرة لا أستطيع أن أسير فيها من كثرة المعونات للأسر الضعيفة.

3) تُجهز المسابقات على الكتب والأشرطة وتوزعها على الأسر المحتاجة مع المواد الغذائية، ويقول أحد محارمها: إني لا أستطيع أن أُحَضِّر المسابقات إلا من طريقها.

4) لا تدع مُنكراً من المنكرات، من منكرات النساء إلا وتتصل على صاحبة المُنكر وتُنكر عليها.

5) تُشارك في تزويج الشباب والشابات عن طريق الهاتف.

6) تُساهم في إصلاح ذاتِ البين وفي حلول المشاكل الزوجية.. إنها والله امرأةٌ عجيبة.

القصة السادسة:

وهذه أُخرى لا يُطيعها زوجها أن تذهب للمحاضرات، فبدأت تتصل على النساء اللاتي تعرفهن من الجيران ومن الأقارب ومن الزميلات، فتحُثُهُن على حضور المحاضرات وهي قليلة الحضور للمحاضرات بسبب زوجها.

القصة السابعة:

امرأة في مدينة الرياض، لها في كل باب من أبواب الخير سهم، فهي تساعد الراغبين في الزواج، وتعطي أُسرة السجين، وتقوم على الأرامل والمساكين.

ومن أعمالها أنها تسببت في بناء سبع مساجد في المملكة، وكَفَلَتْ (500) أسرة من الأسر المحتاجة، وقد كَفِلَتْ (30) يتيماً أيضاً، وأَسَلم بسببها في دولة تشاد بأفريقيا قريباً من مائتي ألف رجل وامرأة، لله دَرُّها.

القصة الثامنة:

وهذه امرأة أخرى، فتحت دارها للعلم والدعوة والتحفيظ، فلمّا كَثُرتَ النساء والأطفال عندها، فتحت على حسابها وعلى حسب ما تجمعه من النساء فتحت دارً في مكان آخر.

القصة التاسعة:

أُقيمت مرة محاضرة في مدينة الرياض، ووصل حضور النساء إلى: عشرة آلاف امرأة، وقبل المغرب بساعة وصل العدد كما يقول أحد أهل العلم عن إحدى قريباته، وصل العدد ما قبل المغرب بساعة إلى: سبعة آلاف امرأة.

القصة العاشرة:

بعض المريضات في المستشفى يقلن: من أحسن الهدايا لنا أثناء الزيارة وأيام العيدين، أن يأتي أحد الزوار لنا، بمصحف أو شريط للقرآن أو أن يأتي بالكتب النافعة.

القصة الحادية عشر:

وهذه أم عبد الرحمن، تأتي مع زوجها من أقصى جنوب الرياض إلى أقصى شرقه، يتركها زوجها في المستشفى للعلاج ويذهب هو لدوامه.

وتمر عليها فترات تحتاج إلى المستشفى كل يوم تقريباً، فاستغلَّت هذه المرأة الداعية المريضة جلوسها الطويل في المستشفى وانتظارها لدورها في العلاج..

استغلَّت الوقت بالدعوة إلى الله عز وجل، والتذكير به سبحانه وتعالى، وزيارة المريضات، وتقوم بتعليمهن الصفة الصحيحة للطهارة والصلاة وأحكام طهارة المريض، ولا تترك فرصةً لدعوة ممرضة أو طبيبة إلا وتقوم بالدعوة، وهكذا تتنقل بين الأقسام وقد نفع الله عز وجل بها نفعاً عظيماً.

القصة الثانية عشر:

امرأة أخرى مات زوجها وهي في الثلاثين من عمرها، وعندها خمسة من الأبناء والبنات، أظلمت الدنيا في عينها وبكت حتى خافت على بصرها، وطوّقها الهم وعلاها الغم، فأبناءها صغار وليس عندها أحد، كانت لا تصرف مما ورثته من زوجها إلا القليل، حتى لا تحتاج إلى أحد..

وذات مرة كانت في غرفتها في شدةِ يأس وانتظار لفرج الله عز وجل، ففتحت إذاعة القرآن الكريم وسمعت شيخاً يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من لزِم الاستغفار جعل الله له من كل همِِّ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب ".

تقول هذه المرأة: فبدأتُ أُكثر من الاستغفار وآمر به أبنائي، وما مرَّ بهم ستة أشهر حتى جاء تخطيط لمشروع على أملاكٍ لهم قديمة.

فعُوِّضت هذه المرأة عن أملاكهم بملايين، ووفَّق الله أحد أبناءها فصار الأول على أبناء منطقته، وحفظ القرآن الكريم كاملاً، وصار الولد محل عناية الناس واهتمامهم ورعايتهم لما حفظ القرآن..

وتقول هذه الأم: وملأ الله عز وجل بيتنا خيراً، وصرنا في عيشةٍ هنيئة، وأصلح الله كل ذريتها، وأذهبَ الله عنها الهم والغم، وصدق الله عز وجل إذ يقول: {ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إنَّ الله بَالِغُ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً} .

القصة الثالثة عشر:

وهذا رجلٌ صالح عابد أُصيبت زوجته بمرض السرطان ولها منه ثلاثة من الأبناء، فضاقت عليهم الأرض بما رَحُبَتْ، وأظلمت عليهما الأرض، فأرشدهما أحد العلماء إلى:

قيام الليل، والدعاء في الأسحار مع كثرة الاستغفار، والقراءة في ماء زمزم، واستخدام العسل، فاستمرا على هذه الحالة وقتاً طويلاً، وفتح الله عز وجل على هذا الرجل و زوجته بالدعاء والتضرع والابتهال إليه جل وعلا..

وكانا يجلسان من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ومِنْ صلاة المغرب إلى صلاة العشاء - على الذكر والدعاء والاستغفار، فكشف الله عز وجل ما بها وعافاها، وأبدلها جِلداً حسناً وشعراً جميلاً، قال الله سبحانه وتعالى: {أمَّن يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه ويكشِفُ السوءَ ويجعلُكُم خُلفاءَ الأرض أإله مع الله قليلاً ما تَذَّكَرون} .

القصة الرابعة عشر:

وهذه امرأة صالحة ومتصدقة كريمة، شَهِدَ لها بهذا الأمر المُقرَّبُون، خمسون عاماً مرَّت عليها وهي بَكْمَاء لا تتكلم، اعتاد زوجها هذا الوضع، مؤمناً بقضاء الله وقدره، وفي ليلة من الليالي استيقظت المرأة وبدأت تُصلي بصوتٍ مسموع..

فقام زوجها مُستغرباً فَرِحاً، ثم سمعها تنطق بالشهادتين نُطقاً صحيحاً، ثم تضرعت إلى الله عز وجل بالدعاء، وكان زوجها ينتظرها تنتهي من صلاتها فَرِحاً بها لكنها تُوفيت بعد قيامها الليل، هنيئاً لها، فمن مات على شيء بُعِثَ عليه.

القصة الخامسة عشر:

ذكر أحد الدعاة عن امرأة في روسيا، امرأةٌ غريبة في الدعوة إلى الله عز وجل، والصبر على التعليم، قد صنعت هذه المرأة ما لم يصنعه الرجال، ظلَّت هذه المرأة خمس عشرة سنة تدعوا إلى الله عز وجل سِراً.

أيام الحكم الشيوعي، وتنتقل من بيت إلى بيت وتُعلِّم النساء القرآن وتُخرِّج الداعيات، ولم تغفل أيضاً عن أسرتها ولا عن أولادها، فأولادها من كبار الدعاة في روسيا، وأزواج بناتها الأربع كلهم من الدعاة أيضاً، وأحد أزواج بناتها هو مُفتي البلدة التي تُقيم فيها هذه المرأة.

القصة السادسة عشر:

طالبة أمريكية متمسكة بالحجاب مُعتزةً بدينها، أسلم بسببها (3) من الأساتذة في الجامعة، وأربعة من الطلبة، لمّا أسلم أحد الأساتذة بدأ يذكر قصته ويقول: قبل أربع سنوات ثارت عندنا زَوبَعَة كبيرة في الجامعة حيث التحقت بالجامعة طالبة مسلمة أمريكية، وكانت متحجبة وكان أحد الأساتذة من معلميها متعصباً لدينه، يُبغض الإسلام، كان يكره كل من لا يُهاجم الإسلام، فكيف بمن يعتنق الإسلام؟ . .

وكان يبحث عن أي فرصة لاستثارة هذه الطالبة الضعيفة، لكنها قوية بإيمانها، فكان ينال من الإسلام أمام الطلاب والطالبات، وكانت تُقابل شدته بالهدوء والصبر والاحتساب، فازداد غيضه وحَنَقُه، فبحث عن طريقة أخرى مَاكِرة..

فبدأ يترصد لها في الدرجات في مادته ويُلقي عليها المهام الصعبة في البحوث، ويُشدد عليها بالنتائج، ولمّا لم تستطع التحمل وانتظرت كثيراً وتحملت تحمُّلاً عظيماً، قَدَّمت شكوى لمدير الجامعة للنظر في وضعها، فأجابت الجامعة طلبها وقررت أن يُعقد لقاء بين الطرفين، مع حضور جمع من الأساتذة لسماع وجهة نظر الطالبة مع معلمها، بحضور بعض الأساتذة والدكاترة والطلاب..

يقول هذا الكاتب الذي أسلم وهو أحد الأساتذة، حضر أكثر أعضاء هيئة التدريس، يقول هذا الدكتور: وكنا مُتحمسين لحضور هذه الجولة والمناظرة والحوار، التي تُعتبر الأولى من نوعها في الجامعة، فبدأت الطالبة تذكر أن الأستاذ يُبغض الإسلام ولأجل هذا فهو يظلمها ولا يعطيها حقوقها ثم ذكرت بعض الأمثلة..

فكان بعض الطلبة قد حضروا وشَهِدوا لها بالصدق ولِمُعلمها بالكذب، وهم غير مسلمين، فلم يجد الأستاذ الحاقد على الإسلام جواباً، فبدأ يَسُبُّ الإسلام ويتهجم عليه فقامت هذه الطالبة تُدافع عن دينها وتُظهر محاسن الإسلام..

يقول هذا الدكتور: وكان لها أسلوبٌ عجيب لجذبنا، حتى أننا كنا نُقاطعها ونسألها عن أمور تفصيلية في الإسلام فتُجيب بسرعة بلا تردد، فلمّا رأى الأستاذ الحاقد ذلك منهم خرج من القاعة واستمرت هذه الطالبة مع بعض الأساتذه والطلاب، وأعطتهم ورقتين كتبت عليهما عنوانًا: ماذا يعني لي الإسلام؟

فذكرت هذه الطالبة الدوافع التي دعتها للإسلام، ثم بيَّنت أهمية الحجاب وعَظَمَةْ الحياء والحِشْمَة للمرأة، وأنه سبب الزَوبَعَه من هذا الأستاذ، ولم تكتفي بهذا، بل قالت: أنا مُستعدة أن أُطالب بحقي كله حتى لو تأخرتُ عن الدراسة..

يقول هذا الكاتب: لقد أُعجبنا بموقفها وثباتها ولم نتوقع أنَّ الطالبة بهذا الثبات والتحمل، وتأثرنا بصمودها أمام الطلاب والمعلمين، فصارت المُحجبة هي قضية الجامعة أيامها يقول فبدأ الحوار يدور في عقلي وفي قلبي، حتى دخلتُ في الإسلام بعد عِدةِ أشهر، ثم تبعني دكتورٌ ثانٍ، وثالثٍ في نفس العام، ثم أصبحنا جميعاً دُعاةً إلى الإسلام.. إنَّها امرأة قليلة المثيل في هذا الزمان.. .

القصة السابعة عشر:

حدثني أحد إخوانها بخبرها لقد ماتت رحمةُ الله عليها، قبل مُدة ليست بالطويلة، فهي مَدْرَسَةٌ في الأخلاق العالية، يُحبها الصغير والكبير، كما قال عنها أهلها وزوجها، في المناسبات يجتمع عليها الصغار والكبار، تتَّصل على القريب والبعيد وتسأل عن الأحوال ولا تترك الهدايا للأقارب..

هي امرأةٌ زاهدة، ثيابها قليلة وَرَثَّة، أُصيبت هذه المرأة بمرض السرطان، نسأل الله عز وجل أن يجعلها في الفردوس الأعلى، مِن صبرها وثباتها بقيت سنةً ونصف لم تُخبر أحداً إلا زوجها، وأخذت عليه العهد والميثاق والأيمان المُغلظة ألاَّ يُخبر أحداً..

ومِن صبرها وثباتها - رحمةُ الله عليها - أنها لا تُظهر لأحدٍ شيئاً من التعب والمرض، فلم يعلم بها حتى أولادها وابنتها الكبيرة التي تخرج معها إذا خَرَجَتْ، إذا جاءها أحدُ محارمها أو أحدُ إخوانها أو ضيوفها مِن النساء، فإنها تستعد وتلبس الملابس وتُظهر بأنها طبيعية..

وكان أحدُ إخوانها أَحَسَّ بأنها مريضة وفيها شيء، فقد انتفخ بطنُها وظَهَرت عليها علامات المرض ولمّا أَلَحُّوا عليها إلحاحاً عظيما، أخبرتهم بشرط أن لا تذهب إلى المستشفى، تُريد الاكتفاء بالقرآن والعسل وماء زمزم..

ولمّا أَلَحُّوا عليها وأخبروها بأن هذا الأمر والعلاج والدواء لا يُنافي التوكل، وافَقَتْ وشَرَطَتْ أن تذهب إلى مكة المكرمة للعمرة قبل أن تذهب للمستشفى، ثم ذَهبت في الصيف الماضي مع أهلها وبَقيتْ قُرابة الأسبوعين..

ولمّا رجعتْ من العمرة وذهبت إلى الطبيب، شَرَطَتْ ألاَّ يدخل عليها أحدٌ سِوى الطبيب وزوجها، وكانت مُتحجبة ومُغطيةً لوجهها ولابِسةً القُفَازَينْ، ولم تكشف إلا موضع الألم المحدد في جزءٍ من البطن حتى لا يُرى شيئاً آخر منها.

فرأى هذا الطبيب وتعَجب واستغرب من وضعها ومن صبرها، فرأى أن الماء السام بسبب الورم في بطنها وصل إلى ثلاثةَ عشر لِتراً، وكان من بُغضها للمستشفى تقول لأحد إخوانها وفَّقَهُ الله، وهو الذي اهتم بها ويُراعيها في آخر وقتها تقول له: إنِّي أُبغضُ الشارع الذي فيه المستشفى..

لأنها لا تُريد الذهاب إلى الرجال ولا الخروج من البيت، تَحَسَنَتْ أحوالها في رمضان الماضي، ثم عرض عليها أخوها الحج فلم تُوافق وحصل لها شيءٌ من التردد، لأنها إذا قامت يحصل لها تعبٌ أو إعياء أو دوار.

ولا تستطيع أن تنهض واقِفَة واستبعدت الحج، ولمّا أَصَرَّ عليها وافقت، حجَّ بها أخوها فيقول: قد حججتُ كثيراً مع الشباب وجرَّبتُ عدة رحلات وسفرات مع الشباب لكن يقول: والله ما رأيت أسهل من هذه الحجة مع هذه المرأة المريضة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إنَّما تُنصرون وتُرزقون بضعفائكم "..

يقول هذا الأخ: وقد يَسّرَ الله عز وجل لنا أشخاصاً لخدمتنا بدون سبب، سواءً في الرَّمِي أو في الممرات أو في النزول من درج الجمرات، ويقول أخوها:

كان بعض عُمَّال النظافة حول الجمرات قد وضعوا حِبالاً لتنظيف ما حول الجمرات، يقول لمّا قَدِمْنَا لرمي الجمرة لم نستطع أن نَقْرُب فنادانا أحد العَسَاكِرْ فقال: أُدْخُلُوا من تحت هذا الحبل، بدون أي سبب، وحصل لهم هذا الأمر في الدور الثاني في اليوم الثاني..

ولمّا أرادوا النزول ناداهم أحد العَسَاكِر، بدون أي سبب، ولا يظهر على المرأة أي علامة من علامات التعب أو المرض، يقول أخوها وكل المناسك قد يُسِّرَتْ لنا، وكانت هذه المرأة تهتم بالدعوة، فَقَلَّمَا تذهبُ إلى مجلسٍ إلاَّ وتُذكرُ بالله عز وجل.

أو تدعوا إلى الله تعالى، أو تُعَلِّم أو تُخْرِجُ كتاباً من شنطتها وتقرأ أو تأمر إحدى النساء بالقراءة وهي التي تشرح، قد كَفِلَتْ يتيماً على حسابها، ولا تذهب إلى قصور الأفراح، وهي قليلة الاختلاط بالنساء..

إنْ اجتمعت مع النساء لا تحضر إلاَّ للعلم أو الدعوة إلى الله عز وجل، وليس عندها ذهبٌ فقد باعته كله قبل مرضها، كانت تُرَكِزُ على البرامج الدعوية، وما زال الكلام لأخيها، وهي تُرَكِز على الخادمات بالأخَّصْ.

وتُعلِمُهُن وتُعطيهن بعض السور للحفظ، كانت مُنذُ فترةٍ طويلة تتواصل مع أخيها على قيام الليل، فالذي يقوم الأول هو الذي يتصل على الآخر قبل الفجر بنصف ساعة، ثم بدأت أُمُّهُمْ حفظها الله وصبَّرها وثبَّتها معهم، مع هذه المرأة المريضة وأخيها البَّارْ..

ثم بدأت هذه المرأة تتواصى مع نساء الجيران، وفي شِدَةِ مرضها في سَكَراتِ الموت، لمّا كانت في المستشفى قبل وفاتها وفي أثناءِ المرض ما تَذَمَرتْ ولا تَأَفَفَتْ ولا جَزِعتْ، بل كانت صابرةً مُحْتَسِبَةْ، يقول أخوها: أشدُّ ما سَمِعْتُ منها من الكلمات قالت: يا ربِّ فرِّج عنِّي، وكانت في أثناء السَكَراتْ يقرأ عليها أحدُ الدُعاة، فماتت وهو يقرأ عليها رَحِمها الله..

أمَّا بالنسبةِ للتغسيل: لمّا أُحضرتْ لمغسلة الأموات يقول أخوها: قد أَصَرَّ الصغار و الكبار حتى الأطفال من العائلة يُلاحظون التغسيل، فحضروا جميعاً في مغسلة الأموات وصَلّوا عليها، أمَّا أخوها الذي كان يُلازمها فقال: لقد رأيتُها لمّا أُخرِجَتْ من الثلاجة قد تغير الشُحُوب الذي كان فيها والتعب انقلبَ إلى نورٍ و بَياضْ..

وكانت هذه المرأة الصابرة المُحتسبة - رَحِمَهَا الله - رَأَتْ رُؤيا قبل وفاتها بشهرٍ ونصف، كأنها جاءت لِدارٍ تُريدُ أن تدخُلها، فَسَمِعَتْ رجال يقولون عند الدار ليسَ هذا بيتُك اذهبي إلى بيتٍ آخر، ثم رَأَتْ قصراً أعلى من الأول وله دَرَجٌ رفيع أو سلالم رفيعة، فلمّا أرادت أن تصعد ناداها رجُلان من أعلى القصر، وهذا كله في الرؤيا.

وهي التي قَصَّتْ الرؤيا على من حولها، وكان في أعلى القصر رجُلان عرضا عليها المُساعدة لِتصعد الدرج، فَتَحَمَّلَتْ وتَصَبَّرتْ ثم صعدتْ بِنَفْسِها بعدَ تعبْ، تقول: لمّا صَعَدتُ إلى القصر أَحْسَـ سَتُ براحةٍ وسعادة وسُرور حتى وهي في المنام، ثم قالت لِمَنْ حولها: لا تُفَسِّروا هذه الرؤيا، فأنا إن شاء الله عز وجل أَسْتَبْشِرُ بِخير.. فَرَحْمَةُ الله عليها، وجَمَعَها وأهلها في الفردوسِ الأعلى.

القصة الثامنة عشر:

كَتَبَتْ إحدى مُديرات مدارس التحفيظ تقول: تَقَدَمَتْ امرأةٌ للتسجيل في مدرسةٍ من مدارس التحفيظ، فلم تُقبل هذه المرأة لاكتفاء العدد، ولأنها تَقَدَمَتْ هذه المرأة مُتأخرة إلى مكتب المديرة، تقول تَقَدَمَتْ هذه المرأة وهي تبكي بِحُرقة وتقول: أرجوكم لا تَرُدوني، فإنِّي والله مُسْرِفة على نَفْسِي في المعاصي، وكُلَما عَزَمْتُ على التوبة والرجوع إلى الله عز وجل أَضعَفُ وأعود إلى ما كُنْتُ عليه..

تقول هذه المديرة: فلمّا سَمِعْتُ ما قالت ولَمَسْتُ صِدْقَ حدِيثِهَا ورأيتُ بُكاءها قَبِلْتُها، ودخَلَتْ في ذلك العام في دورةِ الحِفْظ والتجويد، أو في دورة الحفظ في سنة، والتجويد في السنة التي بعدها، تقول وبفضل الله عز وجل، قد خَتَمَتْ كتابَ الله تبارك وتعالى، وهي من المعلمات القديرات الداعيات إلى الله عز وجل، بل مِن خِيرةِ الأخوات الصالحات، ولا أُزكيها على الله عز وجل.

القصة التاسعة عشر:

امرأةٌ أخرى قاربتْ السبعين من عمرها، تحفظ القرآن في نفسِ هذه المدرسة، تحضرُ لِحِفْظِ القرآن في الصباح والمساء، تقول هذه الكاتبه: هذه امرأةٌ عجيبة، وصَلَتْ إلى السبعين، امرأةٌ نَذَرت نفسها لله عز وجل وللأعمال الخيرية التي تُقرِّبها إلى الله جل وعلا، فهي لا تَفْتُرُ ولا تَكْسَلْ ولا تستكين، طوال العام تعمل في الصيف و الشتاء، ولا تُرى إلاَّ في طاعةِ الله..

تعيش هذه المرأة في منزِلٍ كبير لوحدها مع عاملةٍ لها، ورَّبَتْ هذه العاملة على العمل الخيري و الاحتساب، ولها عدة أعمال منها: أنها تُشارك في كثير من البرامج بل تقول هذه الكاتبة: في كل برنامج أو مشروع أو جمع تبرعات.

ما يُقام شيء إلاَّ ويكون لها سهمٌ كبير، وقد رزقها الله عز وجل، أبناءَ بارِّين بها، ويُعينُونها بالمال وبما تريد، تقول فوالله إنَّ هذه المرأة مصدرٌ مهم بعد الله عز وجل، بإمدادنا بالهمةِ العالية والعزيمةِ الصادقة، وهي نموذجٌ حي يَنْدُرُ وجوده في هذا الزمان.

القصة العشرون:

جاء رجلٌ كان مُسرفاً على نفسه بالمعاصي، وكان يشرب الخمر، ويسهر مع رُفقاء السوء على الخمرِ و الغناء، وكان يترك الصلاة أو يُصلي أحياناً حياءً أو خَجَلاً أو مُجاملةً، وذات مرة زار هذا العاصي إحدى قريباته، فَحَمِلَ طفلاً من أولادها، فَبَالَ هذا الطفل على هذا الرجل العاصي المُسرف على نفسه..

يقول هذا الرجل بعد ما تاب، فَقُلتُ لأمه خُذي هذا الطفل فقد بَالَ على ملابسي، فقالت: الحمد لله أنه لم يَبُل على ملابس فُلان، وكان قد حضر معه أحد أقاربها من محارمها فاستغرب هذا الرجل العاصي، وكُلُنا ذلك الرجل، وقال ما السبب؟ قالت: أنت لا تصلي، مثل هذا الرجل، والبَول على الثياب لا يضرك، بهذه الكلمات القليلة، أنتَ لا تُصلي - لست مثل هذا الرجل - البول على الثياب لا يضرك..

يقول هذا العاصي: فَرَجَعْتُ إلى المنزل وتُبْتُ إلى الله عز وجل، واغْتَسَلْتُ وتركتُ الخمر وهجرتُ رُفقاء السوء، ولَزِمتُ الصلاة، وفَرِحَتْ بي زوجتي المُتدينة التي تحُثُني دائماً على تركِ الخمر..

يقول الكاتب: لمَّا أَخَذَ منه بعض هذه القصة، يقول الكاتب: لقد رأيتُ الرجل قبل موته يترك أي عمل إذا سَمِعَ المُؤذن، وإذا كان في السيارة يقف عند أَقْرَبِ مسجد إذا سَمِعَ الأذان، فرحمةُ الله عليه وعفا عنَّا وعنه.

من شريط قصص مؤثرة من حياة الصالحات..

الكاتب: للشيخ/ عبد السلام العييري
       
المصدر: موقع يا له من دين